سعاد خفاجي... حين يتحوّل التصوير إلى شغف، والإخراج إلى حياة


في كل كادر تلتقطه، وفي كل حركة كاميرا ترسمها بعينيها قبل عدستها، تكمن حكاية مخرجة قررت أن تصنع طريقها بنفسها، رغم الصعوبات، وقلة الموارد، وقسوة المنافسة. سعاد خفاجي ليست مجرد مخرجة... بل روح كاميرا تمشي على الأرض، تتنفس إبداعًا، وتعيش بين الفكرة والضوء والظل.
منذ بدايتها، عشقت سعاد الصورة. لم يكن التصوير بالنسبة لها أداة توثيق، بل لغة كاملة تتحدث بها حين تعجز الكلمات. ومع كل مشروع إخراجي جديد، تُثبت أنها لا تكرر نفسها، بل تخترع شكلاً جديدًا للحكاية، وطريقة مختلفة لسرد التفاصيل.

■ الكاميرا... رفيقة درب وليست مجرد آلة
بالنسبة لسعاد، الكاميرا ليست أداة جامدة. بل هي "عين ثالثة"، ترى بها ما لا يُرى، وتعبّر بها عن مشاعر لا تُقال. تعرف جيدًا متى تقترب الكاميرا لتكشف الحميمية، ومتى تبتعد لتمنح المشهد اتساعه.
وما يميزها كمخرجة، ليس فقط معرفتها التقنية، بل حسّها البصري العالي، وقدرتها على تحويل أي لحظة عادية إلى لقطة لا تُنسى.
■ تعلّم لا يتوقف... وطريق لم يكن مفروشًا بالورود
رغم كل ما حققته من نجاحات، تؤمن سعاد أن "المخرج الحقيقي هو من لا يتوقف عن التعلّم أبدًا". ولهذا تراها دائمًا تُتابع أحدث تقنيات التصوير، وتخوض ورش عمل، وتجرب برامج مونتاج جديدة، وتقرأ عن السينوغرافيا، وتستكشف زوايا غير تقليدية.

تقول سعاد:
"طريق الإخراج مش سهل، ويمكن أصعب من ناس كتير متخيلة. لأنك بتشتغل على فكرة مش موجودة، وبتحوّلها لحاجة تتشاف وتتحس. بين الاستوري بورد، والتصوير، والمونتاج، بتعدّي على ألف معركة. لكن لما بتشوف الفيديو في الآخر... كل التعب بينسى نفسه."

■ الاستوري بورد... البداية التي تحدّد كل شيء
سعاد تبدأ دائمًا بورقة وقلم. ترسم، تخطّط، تحلل كل مشهد قبل ما يتحوّل لصورة. تقول إن الاستوري بورد هو عقل المخرج، وأنه لو كان دقيق، التصوير يكون أسهل، والمونتاج يكون أمتع، والنتيجة تكون أقرب للحلم.

في بعض مشروعاتها، خاصة الأفلام القصيرة، قضت أيامًا طويلة فقط في بناء الاستوري بورد، لأنها تؤمن أن النجاح يبدأ من الورقة البيضاء.

■ لحظة المشاهدة... ثمرة كل التعب
رغم السهر، والتكرار، وضغط الوقت، وصوت "ريكورد" اللي أحيانًا يضغط على القلب قبل الكتف، يبقى أعظم شعور بالنسبة لسعاد هو لحظة عرض المشروع النهائي.
"لما الفيديو يشتغل، وتسمع أول موسيقى، وتشوف أول مشهد... بتحس إنك كنت بتولد حاجة، ونجحت."

تقول سعاد إن دموع الفرحة اللي بتنزل أول مرة تشوف فيها شغلها النهائي، هي الدليل الوحيد إن التعب ما راحش هدر، وإن الإبداع الحقيقي يستحق كل شيء.

الخلاصة
في عالم مزدحم بالكاميرات، تبقى كاميرا سعاد خفاجي مختلفة، لأنها لا تلتقط صورًا فقط، بل تُوثّق شغفًا، وتحكي حكايات، وتعيد تعريف معنى الإخراج. هي لا تكتفي بأن تكون مخرجة "محترفة"، بل تُثبت في كل عمل جديد أنها فنانة مشغولة بالحقيقة، ومهووسة بالجمال، ومؤمنة أن الصورة قد تغيّر العالم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم