ملتقى بناة المستقبل الدولي الـ22 بمركز المؤتمرات بالأزهر الشريف: حيث تحوّلت القاهرة إلى منارة فكر بقيادة مها فؤاد

ملتقى بناة المستقبل الدولي الـ22 بمركز المؤتمرات بالأزهر الشريف: حيث تحوّلت القاهرة إلى منارة فكر بقيادة مها فؤاد

اجتمع الحلم العربي في الملتقى الدولي الثاني والعشرين للتدريب والتنمية، ليمنح المعرفة وجهًا احتفاليًا وروحًا إنسانية، في فعالية نظّمتها أكاديمية بناة المستقبل الدولية برئاسة الدكتورة مها فؤاد، لتغدو أكثر من مجرد مناسبة علمية... بل لحظة وعي عربي مشترك، في قلب القاهرة، حيث الأصالة تصافح الحداثة، وحيث تروي الشوارع قصص أجيالٍ من المثقفين والعلماء.

منذ الصباح، بدا واضحًا أن هذا اليوم سيكون مختلفًا، الحضور لم يكن عاديًا، بل سبق عقارب الساعة، كأنهم جاؤوا يحملون شوقهم للعلم قبل أوراقهم، وطموحاتهم قبل أسمائهم، وفي افتتاحية الملتقى، لم تكن البداية تقليدية، بل كانت جلسة فكرية مفعمة بالأسئلة والرؤى، حول سلسلة كتب "الوعي التنموي" للباحثة المغربية سناء عبد الرحيم، القادمة من فاس وهي تحمل بين يديها رسائل لا تسكن الورق فقط، بل تنبض بحلم أمة في التغيير.

الجلسة التي أدارتها الدكتورة مها فؤاد، حيث تحوّلت إلى مساحة مفتوحة للفكر العربي، حيث تداخلت المداخلات من مثقفين وإعلاميين، وتقاطعت وجهات النظر من مشارب مختلفة، في مشهدٍ نادر يصعب أن يُكرَّر إلا حين يكون العلم هو اللغة الوحيدة.

لكن الحكاية لم تتوقف عند حدود الجلسات الفكرية، من الإمارات جاءت الدكتورة ناجية العلي، صاحبة البصمة الخاصة في مجال التنمية الذاتية، برفقة زوجها الدكتور أحمد الطنيجي، في حضورٍ أعطى للمكان بُعدًا خليجيًا مؤثرًا، أكّد أن الرؤية العربية نحو التدريب والتنمية باتت رؤية موحّدة، تتجاوز الحدود السياسية إلى حدود الحلم المشترك.

ثم دارت عجلة الإنجاز الحقيقي، حين صعد ستة باحثين إلى منصات المناقشة، لا كطلاب علم، بل كرواد حملوا قضايا بلادهم على أكتافهم، وجاؤوا ليحكوا قصصهم من خلال أطروحات دكتوراه شكّلت كل واحدة منها مشروعًا معرفيًا قائمًا بذاته، من الدار البيضاء جاء الدكتور بوشعيب درهمي بأطروحته عن الديمقراطية والحقوق السياسية، ومن سلا أضاءت الدكتورة حفصة عازم ببحثها حول التأثير النفسي للمؤثرين الرقميين، بينما قدّم الدكتور منير شماريق من جرسيف دراسة جريئة عن التحولات في الطبقة العاملة بفعل التكنولوجيا.

من مصر، جاءت ثلاثة وجوه لامعة تحمل رؤى مختلفة، الدكتور محمد فطيم من كفر الشيخ ناقش الزكاة كأداة اقتصادية فعالة، وزوجته الدكتورة جيهان عبد الرحمن عبد الرحمن الشيخ، حيث سلّطت الضوء على فنون العلاقات العامة وعلاقتها بالولاء للعلامة التجارية، فيما قدّم الدكتور محمد جاد، القادم من الشرقية والمقيم في الكويت، دراسة علمية شاملة حول التدريب الرياضي في إفريقيا وآسيا، ليؤكّد أن الجغرافيا لا تعني شيئًا أمام الشغف بالعلم.

وراء هؤلاء الباحثين وقفت لجنة علمية ذهبية، ضمّت أسماء لها وزنها في الأوساط الأكاديمية المصرية والعربية، ممن راقبوا، ناقشوا، وقيّموا، لا بهدف الحكم فقط، بل رغبة في استخراج أفضل ما فيهم من طموح و فكرٍ وعلمٍ ووضوح رؤية، حيث تشكلت اللجان المرموقة من الأستاذ الدكتور متولي أبو المجد أستاذ العلوم الادارة بجامعة الاسكندية، والدكتور دياب فتحي دياب رئيس قسم الدراسات بالازهر الشريف، أ.د/ أحمد محروس استاذ دكتور بمركز البحوث، أ.د/ ناجية العلي، استاذ الدكتور في إدارة الاعمال ، المهندس الدكتور عبد الحميد البطشة، دكتوراه في ادارة المشروعات، د/ عمرو الدسوقي دكتور ومحاضر بوزارة التربية والتعليم المصرية، د/ مجدي عبدالرحمن عبدالرحمن الشيخ دكتوراه في طرق مناهج التدريس الرياضيات، د/ وليد ابراهيم غربية، دكتوراه في ادارة الاعمال، د/ محمد فرحات، دكتوراه في ادارة الجودة والتميز المؤسسي.

وقبل أن يُسدل الستار، كان لا بد أن تُكرَّم الجهود وتُحتفى الطاقات، لم تكن شهادات التقدير مجرد أوراق، بل اعترافات صريحة بقيمة من صعدوا على المنصة، ومن شاركوا بصمتهم في إنجاح هذا اليوم. بين التصفيق والعدسات، كانت هناك وجوه فخورة، وأسماء كبيرة حاضرة، مثل الدكتور عمرو الدسوقي، والدكتورة فاطمة الكنيسي، والدكتورة هدى المغاوري، والباحثة السعودية صالحة القحطاني، وغيرهم ممن شاركوا هذا العرس المعرفي.

ثم جاءت الكلمة الختامية، فكان مسكها كلمات الدكتورة مها فؤاد، التي خاطبت الحاضرين بأمل لا يعرف الاصطناع، قائلة:

"هؤلاء الباحثون لا يحملون شهادات، بل يحملون مسؤوليات... مسؤولية أن يبنوا المستقبل، وأن يجعلوا من المعرفة طريقًا لا نهاية له."

إرسال تعليق

أحدث أقدم