🩸 "حلم الشباب اتقتل... والقاتل اسمه المال السياسي"
✍️ بقلم: د. أحمد ماجد – نائب رئيس قسم التحقيقات، جريدة الهرم المصري نيوز
---
في زمنٍ كان يُفترض أن يكون زمن الوعي والتنوير، تُطلّ علينا الانتخابات في كل دورة كفرصة جديدة لتجديد الأمل في وجوه الشباب، وفي مستقبل هذا الوطن. لكن الأمل سرعان ما يتبخر حين يتقدّم المال السياسي الصفوف، فيغتال الطموح ويكتم صوت الحلم قبل أن يولد.
حلم الشباب اتقتل... والقاتل معروف.
ليس قاتلًا يختبئ في الظل، بل يسير بيننا بثياب الوجاهة والكرم، يوزّع الأموال ويشتري الضمائر، ويحول الانتخابات من معركة وعي إلى مزاد نفوذ.
المال السياسي لا يصنع رجال دولة، بل يصنع تجار مقاعد. يدخل البعض السباق الانتخابي بلا رؤية أو برنامج، فقط يحمل حقيبة أموال تكفي لشراء أصوات تُمنح لا اقتناعًا، بل طمعًا. وهكذا تتحول العملية الديمقراطية إلى صفقة خاسرة، يدفع ثمنها الوطن قبل المواطن.
الشباب الذين حلموا بخوض التجربة السياسية النظيفة، والذين آمنوا أن الكلمة قد تغيّر الواقع، يقفون اليوم على الهامش يشاهدون مشهدًا مؤلمًا: المقاعد تُوزّع لا بالكفاءة، بل بالقدرة على الدفع. وحين يرى الشاب أن الطريق إلى البرلمان مفروش بالمال لا بالعقول، يصاب بالإحباط، ويتراجع الإيمان بالمشاركة.
المال السياسي لا يشتري الأصوات فقط، بل يشتري الصمت أيضًا.
فمن يقبل أن يُباع صوته اليوم، سيصمت غدًا أمام الفساد وسوء الإدارة. وهكذا يتكرّس الفشل وتُغتال النزاهة في كل جولة انتخابية جديدة.
إن أخطر ما يفعله المال السياسي أنه يسرق الحلم من جيلٍ كامل، ويغرس فيهم فكرة أن النجاح لا يأتي بالعلم ولا بالجهد، بل بالثمن. وهي أخطر جريمة يمكن أن تُرتكب في حق وطن يريد النهوض.
أيها الشباب، لا تجعلوا المال السياسي يسرق مستقبلكم.
وأيها الناخبون، لا تبيعوا أصواتكم... لأنها شهادة أمانة قبل أن تكون ورقة اقتراع.
فمن يشتري صوتك اليوم، سيبيعك غدًا حين يجلس على الكرسي.
حان الوقت أن نقولها بوضوح:
"لا للمال السياسي... نعم لوعي المواطن."
فالحلم لن يعود إلا حين نُعيد للانتخابات معناها الحقيقي: منافسة شريفة، ومشاركة نزيهة، وإرادة شعب لا تُشترى.